shape
shape

أموال صندوق الرعاية الاجتماعية جمدت أم تم إخفائها؟

أموال صندوق الرعاية الاجتماعية جمدت أم تم إخفائها؟

أموال صندوق الرعاية الاجتماعية جمدت أم تم إخفائها؟

بقلم:  الدكتور ضياء الساعدي

قسم القانون ـ كلية العمارة الجامعة

 

اثير حديثاً جدلاً واسعاً اظهرت فيه اتهامات وتبريرات بين وزارتي العمل والمالية ومصرف الرافدين حول المبلغ المالي التابع إلى صندوق الرعاية الاجتماعية، لذا ارتأينا ان نجيب عن السؤال أعلاه وفقاً للتكييف القانوني.


ففي التشريع العراقي، تجميد المال العام المودع في المصارف الحكومية ومنها مصرف الرافدين والرشيد من قبل وزارة المالية يعد إجراءً إدارياً مالياً يستند إلى سلطات الوزارة في إدارة الأموال العامة وتنظيم الصرف والتحويل وفقاً لقواعد القانون الإداري والمالي، ، ويعد التجميد إجراءً إداريًا ذا طابع احترازي يهدف إلى تعليق سلطة التصرف أو السحب أو المناقلة في أموال جهة عامة، لحين استكمال إجراءات الرقابة أو التدقيق أو التحقيق أو التنظيم المالي.
كام يستند التجميد إلى عدد من النصوص في التشريع العراقي، أبرزها:
١- قانون الإدارة المالية الاتحادية رقم (٦) لسنة ٢٠١٩ وتعديلاته، الذي يمنح وزارة المالية سلطة الرقابة على الحسابات الحكومية وصلاحية إيقاف أو تقييد الصرف عند وجود مخالفات مالية و إلزام الجهات بعدم إجراء أي حركة مالية خارج تخصيصات الموازنة وتعليمات الصرف.
٢- قانون ديوان الرقابة المالية الاتحادي رقم (٣١) لسنة ٢٠١١، الذي يجيز للديوان، عبر وزارة المالية، طلب تجميد الأموال عند التحقيق في المخالفات أو حالات الهدر والفساد.
٣-صلاحيات وزارة المالية وفق قانون الإدارة المالية رقم (٦) لسنة ٢٠١٩، وتستمد من كونها الجهة العليا المسؤولة عن المال العام، وسلطتها في إصدار التعليمات المالية الملزمة للمصارف الحكومية، ووصايتها المالية على الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة.


يعد قرار التجميد خاضعًا لرقابة القضاء الإداري، وقابلاً للطعن أمام محكمة القضاء الإداري عند تخلف التسبيب أو غياب السند القانوني أو وجود إساءة استعمال للسلطة.


والآثار القانونية للتجميد وقف صلاحيات الصرف والتحويل ، منع أي حركة على الحساب إلا بموافقة وزارة المالية،  مسؤولية الجهة الإدارية عن أي خرق لقرار التجميد، عند ثبوت المخالفة، تحال القضية إلى هيئة النزاهة أو القضاء الجزائي أو ديوان الرقابة المالية.


وبناءً على ادعاء وزارة المالية بأنها هي التي باشرت بإجراء التجميد، فإن مقتضى المشروعية كان يوجب عليها إحاطة كل من وزارة العمل ومصرف الرافدين علماً يقينياً بقرار التجميد، باعتبار ذلك ركناً أساسياً من أركان القرار الإداري السليم،  كما أن هذا الإجراء يجب أن يخضع لرقابة القضاء الإداري وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية، إلا أن هذه الجهات جميعاً كانت غائبة عن الساحة بلا مبرر واضح .


في حين لو كيفنا ادعاء وزارة العمل لاختفاء المال العام يعد إخفاء المال العام في المصارف الحكومية وفق التشريع العراقي جريمة جنائية ضمن جرائم الفساد المالي وفق قانون العقوبات رقم (١١١) لسنة ١٩٦٩، ويكيف الفعل بحسب ظروفه كاختلاس (مادة ٣١٥)، أو إضرار عمدي بالمال العام (مادة ٣٤٠)، أو غسل أموال وفق قانون مكافحة غسل الأموال لسنة ٢٠١٥ مخالفة إدارية جسيمة تستوجب العقوبات الانضباطية المنصوص عليها في قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (١٤) لسنة ١٩٩١ ، مسؤولية مالية تلزم مرتكبها برد المال وتعويض الأضرار وفق القانون المدني رقم (٤٠) لسنة ١٩٥١ المعدل. 


وعليه، كان يتعين قبل قيام وزارة العمل بتحريك الدعوى القضائية أن تسبق ذلك إجراءات تحقيق أصولية تجريها لجان مختصة، بوصفها مرحلة لازمة لكشف الحقائق وتحديد المسؤوليات قبل اللجوء إلى القضاء.